مصر ام الدنيا ...ام الثورات وابوها
بقلم: عبدالله الهريشات
بحق ان الثورة المصرية التي يشهدها العالم اليوم هي ام الثورات على الاطلاق فهاهي ام الدنيا تولد ام الثورات بل وابوها كمان(ايضا). ان الشباب والشعب جميعا من وراءه شيبا واطفالا ذكورا ونساء بكل اطيافه فنانيه وصحفييه, فلاحييه عماله, شيوخه وازهرييه واقباطه اجتمعوا على الحب والايثار والتضحية والتغيير والاصلاح انه حب الوطن وترابه ومصالحه الوطنية العليا وانه الظلم والفساد الذي طغى عليهم وعلى البلاد والعباد.
انها ثورة فريدة في طرازها حضارية في مضمونها بوسائل عصرية وروح تلقائية تجد فيها الجد واللعب والهيصة والزواج والنكتة والفكاهة والفوضى المنظمة الخلاقة -لا الفوضى الخلاقة بتاعة امريكا- وتجد الموت والشهادة والحياة والايثار والعزة والكرامة والعصيان والطاعة وفي كل ذلك الوحدة والاتحاد والشعور بالمسؤولية وكأنهم على قلب رجل واحد وتجد نفسك انك منهم ولهم وفيك ما فيهم بل نجد انفسنا امامها مدهوشين نحني لها الرؤوس اجلالا وتقديرا.
ان مصر ولاٌدة وقد خرجت يوما قبل هذا اليوم جميعها وعن بكرة ابيها خلف العز بن عبدالسلام, وما ادراك من العز, وكانت مصر يومها تحت حكم المماليك , وما ادراك مالمماليك فقد كانوا عبيدا وخليطا من الاتراك والروم والاروبيين والشراكسة استقدمهم الايوبيون ثم ثاروا على الحكم فاصبحوا حكاما وقادة بعد ان زاد نفوذهم سنة 1250م وهم من تصدوامن بعد للغزو المغولي في عين جالوت وللغزو الصليبي في المنصورة وكان ملكهم من (648-923هـ/1250-1517م).
اما العز بن عبدالسلام (578هـ) الشافعي , ويدعى عبدالعزيز بن عبدالسلام السلمي, المغربي الاصل,الدمشقي المولد,المصري دارا ووفاة,ابومحمدالملقب بعزالدين وبسلطان العلماء,والمعروف ببائع الملوك. والقصة المشهورة التي تذكرها كتب التاريخ ونسردها لكم وعلى اثرها سمي بائع الملوك وهي ان الشيخ قدم من الشام الى مصر639هـ ورحب به الملك الصالح نجم الدين ايوب وولاه الخطابة والقضاء.
وقصته مع الأمراء الأتراك في مصر، وهم جماعة ذكر أن الشيخ لم يثبت عنده أنهم أحرار، وأن حكم الرق مستصحب عليهم لبيت مال المسلمين، فبلغهم ذلك، فعظم الخطب عندهم فيه، وأضرم الأمر، والشيخ مصمم لا يصحح لهم بيعاً ولا شراء ولا نكاحاً، وتعطلت مصالحهم بذلك، وكان من جملتهم نائب السلطنة، فاستشاط غضباً، فاجتمعوا وأرسلوا إليه، فقال: نعقد لكم مجلساً وينادى عليكم لبيت مال المسلمين، ويحصل عتقكم بطريق شرعي، فرفعوا الأمر إلى السلطان، فبعث إليه، فلم يرجع، فجرت من السلطان كلمة فيها غلظة، حاصلها الإنكار على الشيخ في دخـوله في هذا الأمر، وأنه لا يتعلق به، فغضب الشيخ، وحمل حوائجه على حمار، وأركب عائلته على حمار آخر، ومشى خلفهم خارجاً من القاهرة، قاصداً نحو الشام، فلم يصل إلى نحو نصف بريد إلا وقد لحقه غالب المسلمين، لم تكد امرأة ولا صبي ولا رجل لا يؤبه إليه يتخلف، لا سيما العلماء والصلحاء والتجار وأنحاؤهم، فبلغ السلطان الخبر، وقيل له: متى راح ذهب ملكك، فركب السلطان بنفسه، ولحقه واسترضاه وطيب قلبه، فرجع واتفقوا معهم على أنه ينادى على الأمراء، فأرسل إليه نائب السلطنة بالملاطفة، فلم يفد فيه، فانزعج النائب وقال: كيف ينادي علينا هذا الشيخ ويبيعنا ونحن ملوك الأرض؟ والله لأضربنه بسيفي هذا، فركب بنفسه في جماعته، وجاء إلى بيت الشيخ والسيف مسلول في يده، فطرق الباب، فخرج ولد الشيخ فرأى من نائب السلطنة ما رأى، فعاد إلى أبيه، وشرح له الحال، فما اكترث لذلك ولا تغير، وقال: يا ولدي، أبوك أقل من أن يقتل في سبيل الله، ثم خرج كأنه قضاء الله قد نزل على نائب السلطنة، فحين وقع بصره على النائب يبست يد النائب، وسقط السيف منها، وأرعدت مفاصله، فبكى، وسأل الشيخ أن يدعو له، وقال: يا سيدي خير، أيش تعمل؟ قال: أنادي عليكم وأبيعكم. قال: ففيم تصرف ثمننا، قال: في مصالح المسلمين. قال: من يقبضه؟ قال: أنا. فتم له ما أراد، ونادى على الأمراء واحداً واحداً، وغالى في ثمنهم، وقبضه، وصرفه في وجوه الخير، وهذا ما لم يسمع بمثله عن أحد، رحمه الله تعالى ورضى عنه. هذا ما ذكره التاريخ في مصر واهل مصر في تكاتفهم مع علمائهم واتباعهم للحق وللعلم والعلماء , وانه ان قامت مصر قام العرب وان قام العرب قام الاسلام وعم العدل والسلام والرخاء البشرية جمعاء .
عبدالله الهريشات
No comments:
Post a Comment