كلمة واحدة يا جلالة الملك **
أ.د. محمد خازر المجالي
عمون -أحمد الله تعالى، وأصلي وأسلم على خير أنبيائه محمد، وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فيا جلالة الملك: نحبك، ولكن نحب الأردن أكثر... نحبك، ولكن نحب الحق أكثر.
نفخر بأردننا وتاريخه ومبشرات مستقبله، ونعتز بقيادته ووحدة أبنائه وبناته على اختلاف أصولهم، ونباهي الدنيا كلها باستقرار بلدنا وأمنه وصفاء مواطنيه، ولكن مرت فترة نعدها كبوة، ضاعت فيها حقوق ونهبت فيها مقدرات دولة، ظهر فيها مفسدون وحورب فيها صالحون، ربما كانت النيات سليمة، لكن الوسائل سيئة، مما قاد أردننا إلى شفير هاوية لا بد من اكتشاف أمرها ولو بعد حين.
ومع الربيع العربي، ووضوح أمور وحقائق لم تكن على البال، في بلاد مختلفة ومنها أردننا، فإننا لا نرضى لوطننا الغالي الانزلاق في دموية لا قدر الله، ولا البقاء في دائرة اللوم وتحديد مواطن الخلل والمتسبب فيها، ولا استمرار حراك مطلبه واضح ولكن استمراره قد يحرف الطريق، ولا اصطفاف قوى وتقسيم مجتمع والرجوع إلى الوراء، نريد كلمة واحدة ليس إلا، ولها ما بعدها يا جلالة الملك، وهي كلمة (أعتذر).
نعم، اعتذر عما مضى فقد جرى كله في عهدك، وأنت تملك من الشجاعة ما تنهي به هذه الحالة المتوترة، كي نفوت على أصحاب المطامع والمصالح مآربهم، فقلها يا جلالة الملك.
وبعد قولها، لا بد من السير في اتجاهين: الأول في إصلاح قوانين وتعديل دستور يضمنان تحمل الشعب مسؤولياته بنزاهة وكفاءة، نودع من خلالهما زمنًا بائدًا من الفساد الإداري والاستفراد بالقرارات، ليتفرغ كلٌ لواجبه وإبداعه وتفوقه وتنافسه الحضاري الشريف. والثاني في استرجاع ما يمكن إرجاعه مما نهبه أو تساهل فيه المفسدون، وطي صفحة سوداء في تاريخ الأردن، وضمان قوانين لا تتساهل مع أي مفسد من الآن فصاعدًا.
وكي يتسنى هذا، فلا بد من تشكيل حكومة إنقاذ، تعد مع أصحاب الخبرة من مختلف الاتجاهات قوانين الانتخاب والأحزاب، وتعديل الفقرات المهمة في الدستور، ولن يتوانى المواطنون الشرفاء من الإسهام في ذلك، ورب ضارة نافعة، ليكون الأردن من بعدها أقوى وأنقى، في مصاف الدول المتقدمة المتحضرة، يحكم فيها القانون ويحاسب فيها الجميع بعدالة وشفافية.
افعلها يا جلالة الملك، لنطوي صفحة انتهى دورها في إيقاظ الضمير وجلاء الغشاوة وتفقد الحال، لتتبعها صفحة مشرقة من إصلاح الخلل وتصويب المسار وتآلف المجتمع وتماسكه، لنضمن أمنًا شاملاً يندرج تحته الأمن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، عندها تتوفر سبل النهضة التي نهيئ لها أبناءنا وبناتنا، ليكون الأردن مهد الحضارة والعزة والأمن والاستقرار.