شيخ وشبيح
عبدالله الهريشات
تكاد الثورة السورية العارمة هذه الايام ان تكون اكبر الثورات العربية واشدها على الاطلاق في هذا القرن فما ثورات تونس وليبيا ومصر وربيعهن العربي الا قطرات في بحر الثورة السورية اللجي وربيعها الاحمرالقاني ، وكما كان لحكام تونس ومصر وليبيا سحرة وشيوخ وعرافون وفتاحون وحجابون وبلطجية فان لحكام سورية شبيحة وشيوخ في التشبيح اكثر من الشبيحة انفسهم ووراء هؤلاء:احزاب ودول طوائف ويساريون وقومجيون يدعون العروبة والحرية والعدالة ادعاء كما يدعيها النظام وشبيحته وشيوخه في التشبيح وكما هم يدعون المقاومة والممانعة وتحرير فلسطين وهم لا زالوا عبيد اهوائهم وعبيد لينين وعفلق وسعادة ويدعون مقاومة الامبريالية وهم يسقطون في احضانها ليلا وفي احضان الشيوعية نهارا ويدعون محاربة الارهاب وهم من يقومون به ضد شعوبهم وضد ابناء الاوطان الاحرار ويدعون محاربة الرجعية وهم من ارجعونا الى القرون الوسطى وحجبوا النور وشمس الحرية عن سماءنا وافسدوا هواءنا وماءنا واوردونا للظلمات والمهالك وهم ينادون امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة وهم من مزقوا الامة شر ممزق وجعلوها شيعا ومسخوا وجه الامة وحضارتها وضيعوا رسالتها فلا بعثوها ببعثهم بل هم من قد وأدوها بعبثهم وطغيانهم شر وأدة فجثموا عقودا على صدر الامة لا حرروا ارضا ولا حموا عرضا ولا حققوا وحدة ولاعدلا وليت ان سلمت الارض والعرض والشعوب والانسانية منهم .
ان ظاهرة شيوخ التشبيح تظهر في كل عصر وقد لا يحس بها كل الناس ولا تظهر جليا الا في حالة المفاصلة بين الحق والباطل وبين الراعي الظالم والرعية المظلومة فينز لهذا الراعي الظالم شيوخ لا خلاق لهم قد ربربهم الراعي لهذه الغاية ولمثل هذا الوقت ، قد باعوا دينهم بدنياهم لا بل اسوأ من ذلك باعوا دينهم بدنيا غيرهم كما ذكرني استاذنا الفاضل الكيلاني ، تراهم شيوخا بلحى وفتاوي وعمائم ولا يعلمون لا بل يعلمون ان الشيطان اعلم بذلك منهم وهو قرينهم ولكنهم افتقدوا الخلق والخلاق وان تلبسوا بلبوس الدين فهم اباليس النفاق وشياطين سوء الاخلاق .
كان اخ فاضل يتحدث مع احدهم ويقول ان هناك اناس صوامون قوامون وتراهم في الصف الاول في الصلاة والتهجد وهم في الصف الاول في الزكاة وفي الصف الاول في العمرة والحج ولكنهم في الصف الاخير في الاخلاق هذا ان لم يعدموها، وان الدين ان اخذه بنو ادم وتناسوا الاخلاق فيه فقد يكون هذا التدين كارثة من هؤلاء الادميين على الامة وعلى العالم كله، لهذا يقول الله تعالى لنبيه{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] و( سُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ)[مسند أحمد] وان الاسلام لم ينتشر بالسيف كما يدعي اعداءُه بل بالكلمة الطيبة والخلق الحسن والتعامل المتميز صدقا وجودة ،ولم يكن السيف الا لرد الاعتداء او لنصرة الشعوب من الظلم والعبودية {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)} [البقرة]، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا).[مصنف ابن أبي شيبة] وعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ، قَالَ:"مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ، وَإِنَّ مِنْ أَقْرَبُكُمْ إِلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا"[المعجم الكبير للطبراني] وان القران عندما يصف المؤمنين تكون هناك صفة في العبادة تتبعها صفة في الاخلاق:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5)} [المؤمنون].
ان شيوخ الشبيحة والتشبيح لادين لهم ولا خلق عندهم ولو اظهروا وادعوا ذلك وان هؤلاء هم في الدرك الاسفل من النار لانهم اتصفوا بصفات المنافقين ان لم يكونوا هم {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} [النساء: 145] ومع ذلك فان الله فتح لهم باب التوبة { إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا } [النساء: 146] فعلى هؤلاء الشيوخ وتلك الدول والاحزاب ان يتوبوا الى الله ويخلصوا دينهم له ويثوبوا الى رشدهم ويكونوا مع شعوبهم وامتهم قبل فوات الاوان وقبل ان يغرقهم الطوفان وتلتهمهم في الدنيا والاخرة النيران.
No comments:
Post a Comment