سيذكرني قومي اذا جد جدهم
عبدالله الهريشات
التقيت به بمناسبة ولادة مولود له ابن خداج اسماه(مؤمن) لم يستطع دفع فواتير المستشفى واتعاب الطبيب تدبر امرها رجال خير واحسان فلهم جميعا الشكروالعرفان وابقاهم للاردن واهله دوما على الزمان اهل خير وبر واحسان، وحمدا لله فلا زال في الاردن رجال الخير والاصلاح والاحسان ولولاهم لاخذنا الله وابدلنا بقوم غيرنا خير منا ايها الانسان ، التقيته وهو يقول بأسى و بمرارة :(اريد ان ارجع لبريطانيا لبلاد الانجليز فهل تسافر معي لتعينني على الطريق ايها الاخ العزيز)، فهو لايملك تذكرة الطيران ولا حتى اجرة البيت الذي يسكنه وهوشقة رطوبتها عالية وسقفها منخفض ولا ترى الشمس الا قليلا ، فقلت له :بل انت من سيعينني لاني لا اعرف شيئا في بريطانيا ولم ازرها من قبل ، ولقد عدت بعد اغتراب من امريكا يا ابا مؤمن وانا اقول بقول شوقي:
وطني لو شغلت بالخلد عنه
نازعتني اليه في الخلد نفسي
فالاما سنبقى نتنقل من غربة الى غربة يا ابا مؤمن ؟ وقلت في نفسي: لعل تلك الغربة في تلك البلاد اخف وطئا من غربتنا التي نجدها في اوطاننا وبين اهلينا وذوينا! ومر بخاطري قول الشاعر:
وظلم ذوي القربى اشد مضاضة
على النفس من وقع الحسام المهند
ومر بخاطري ايضا :
بلادي وان جارت علي عزيزة
واهلي وان ضنوا علي كرام
وبقيت بين مد وجزر ولا زلت ولا ادري كم من مثلي لا يزال .
والد المولود الخداج(مؤمن) رجل كفيف عفيف كباقي عفيفي الاردن لا يسألون الناس و تحسبهم اغنياء من التعفف ولو كان بهم خصاصة انه دكتور في القانون وشاعر واديب وخريج جامعة بريطانية ذهب للديوان وتقدم بطلبات لايريد مالا ولامنصبا فقط يريد ان يخدم امته ووطنه في علمه وان يعيش كباقي ابناء الوطن في ستر وكرامة وتقدم لعدة جامعات ولم ينل منهم نصيبا لا حق ولا باطل ولو كان هذا العالم الضرير ابنا للذوات والفاسدين - ولو كان توجيهي راسب وفاشل وازعر زعرير- لقلدوه في وطني منصبا كبير وجعلوا منه خبير وبراتب عقولنا منه تكاد ان تطير.
ليرحم الله هارون الرشيد فقد صب الماء على يدي المعلم الضرير معلم ولده وهو يقول للعالم اتعلم من يصب الماء على يديك فقال العالم: هو الخادم يا امير المؤمنين، فقال: لا بل امير المؤمنين هارون الرشيد.
هكذا يقدر العلم والعلماء ولهذا كان الرشيد يقول للغمامة اذهبي فامطري حيث شئت فسياتني خراجك الى هنا ، ونعلم ان هارون الرشيد كان يوزن كتب المترجمين والمؤلفين بالذهب وهو من ارسل لشارلمان ساعة قد اخترعها علماء عصره ظنها شارلمان وحاشيته جنا، وهو من قال لنكفور ولقبه بكلب الروم وكتابه وجوابه له في ذلك خير شاهد(الجواب ما تراه لا ما تسمعه) .
بهذا سدنا العالم وسادت حضارتنا في الحرية والعدل والمساواة والعلم والكفاءة في وقت كان الغرب يرزخ في الظلم والظلام .
يعلم الله لو كان هذا الرجل الدكتور العالم الفذ الان في دولة غربية لوضعوه على رؤسهم وقلدوه ارفع المناصب لكفاءته وعلمه ولكنه في الاردن وفي وطنه وفي بلد مسلم وجد الظلم والجور والعنصرية لانه ضرير ولكم التقيت في الولايات المتحدة من اصناف هؤلاء وهم يعملون وينالون الوظائف بلا تمييز وعنصرية وحتى ان الدولة وقوانينها تسن لصالحهم و تحميهم فتعاقب من يميزهم في السكن والوظائف وفي كل شؤون الحياة مثلهم مثل غيرهم و تلزم كل الدوائر والشركات والعمارات والشقق بأن تراعي كل احتياجاتهم من ممرات ومصاعد وحتى كلاب تحميهم وتساعدهم وتدلهم على الطريق. فمتى ينقذنا الله من كلاب الاردن وفاسديه الذين يقودون البلاد والعباد الى الظلم والظلمات ، الذين نهبوا خيراتنا وبددوها وعطلوا علم وطاقات ابنائنا، هذه حالة واحدة وما اكثر الحالات حين تعدها والتي بلا عداد وقد اكون احدها وكما يقال ومثلي مثايل يا ابو الجدايل لانه كما يقول المصريون (حظ العدالة مايل) وكما يقول شاعرهم وامير شعراء العربية :
احرام على بلابله الدوح
حلال للطير من كل جنس
وليس لابي مؤمن ولنا الا ان نقول حسبنا الله ونعم الوكيل ونقول كما يقول الشاعر في ابناء الاردن المهمشين والمعطلين والمنبوذين :
سيذكرني قومي اذا جد جدهم
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر .
فهل سيذكر الديوان وينصف السلطان امثال هذا الانسان ام ان ابناء الاوطان من كفيف وعفيف وضعيف في نسيان وقبرهم ووأدهم احياء قبل الاوان،وللفاسدين وابنائهم صدر المكان وعند الجد والامتحان في الاوطان يولون الادبارويطلقون لارجلهم العنان الى باريس ولندن ولوزان، قاتل الله الظلم والطغيان ، وحما الله الاردن واهله من الفساد على مر الزمان وجعله دار امن وخير وامان.
No comments:
Post a Comment